الحديث عن خلف رئيس الجمهورية الهاء الشعب عن إنجازاته ام حديث طفق فتسرب

 

 

في ظل النقاشات السياسية التي تعرفها الساحة الوطنية، يطفو بين الحين والآخر حديث عن الخلف المحتمل لفخامة الرئيس، غير أنّ طرح هذا الموضوع في الوقت الراهن يبدو سابقًا لأوانه لعدة اعتبارات ترتبط بمقتضيات التجربة الديمقراطية في البلاد وكذا مصالح الاستقرار الوطني، وأولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
أولًا، إنّ الحديث المبكر عن موضوع الخلافة قد يُربك مسار العمل المؤسسي، ويحوّل النقاش العام من التركيز على البرامج الإصلاحية والإنجازات التنموية إلى حسابات انتخابية ضيقة لا يستفيد منها الا اصحاب المصالح الذاتية بعيداعن …… وهو ما قد يُضعف الثقة الشعبية في العملية السياسية، ويُعطي الانطباع بأنّ الساحة منشغلة بالمناصب أكثر من انشغالها بخدمة المواطن.
ثانيًا، التجربة الموريتانية الحديثة ما تزال بحاجة إلى ترسيخ ثقافة التداول السلمي على السلطة ضمن آجالها الدستورية. واحترام هذه الآجال يُعطي صورة إيجابية عن نضج النظام السياسي، ويُعزز مصداقية الدولة في الداخل والخارج. بينما الخوض في ملف الخلافة قبل أوانه قد يُفسَّر كعدم ثقة في المسار الدستوري أو تجاوز لأدواته الشرعية.
ثالثًا، إنّ الأولوية في المرحلة الحالية تتمثل في تثبيت المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية، ودعم الاستقرار السياسي والأمني. فالمواطن الموريتاني يتطلع إلى تحسين ظروف معيشته، وتوفير فرص العمل، وتطوير البنية التحتية، أكثر مما يتطلع إلى جدل مبكر حول من سيأتي بعد الرئيس. ومن ثمّ، فإنّ الانشغال بالأسئلة المستقبلية قبل الأوان قد يُضيّع على البلد فرصة البناء في الحاضر.
رابعًا، لا بد من التذكير بأنّ النقاشات السياسية الرصينة ينبغي أن تُدار في إطار مؤسساتي منظم، وفق الدستور والقانون، بعيدًا عن الاستباقية والتأويلات. ذلك أنّ العمل السياسي الحقيقي يقوم على خدمة البرامج لا الأشخاص، وعلى تعزيز التجربة لا على إضعافها.
ختامًا، يمكن القول إنّ الحديث عن خلف فخامة الرئيس في هذه المرحلة ليس مجرد تسرع، بل قد يكون عامل تشويش على مسار دولة ما تزال في طور تعزيز تجربتها الديمقراطية. وموريتانيا اليوم في حاجة إلى ترسيخ الثقة بالمؤسسات، وتوجيه الاهتمام إلى ما ينفع الناس في حاضرهم، بدل الانشغال بجدل سابق لأوانه.
بقلم الدكتور الاداري الحسين ولد محمد اشويخ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى